اختلالات عمرانية بالجديدة… المجلس الجماعي يُدان بـ“الزحف على المشاريع الاجتماعية” في تصميم التهيئة الجديد

الجديدة بلوس

تحوّلت الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لمدينة الجديدة، المنعقدة يوم الخميس 4 دجنبر 2025، لمناقشة مشروع تصميم التهيئة الجديد، إلى جلسة ساخنة كشفت عن اختلالات عميقة تطال التخطيط العمراني للمدينة، حيث تفجّرت معطيات خطيرة حول تغييرات غير مبررة طالت تجهيزات عمومية مبرمجة منذ سنة 2009، وعلى رأسها اختفاء بقع أرضية كانت مخصصة لبناء مؤسسات تعليمية.

وذكرت مكونات من المعارضة أن مشروع التصميم المعروض للمرة الثالثة كان قد رُفض سابقاً من طرف وزيرة إعداد التراب الوطني فاطمة الزهراء المنصوري، التي اعتبرته “جريمة في حق المدينة”، كما سبق للعامل السابق امحمد عطفاوي أن أعاده للمجلس قصد مراجعته، إلا أن النسخة الحالية ما تزال تحتفظ بالاختلالات نفسها.

الوثائق المعتمدة خلال النقاش أظهرت أن تصميم سنة 2009 كان يتضمن 123 تجهيزاً عمومياً تغطي 128,46 هكتاراً، من بينها مرافق إدارية وتعليمية ورياضية، فضلاً عن مساحات خضراء وساحات وفضاءات اجتماعية ومسجد ومقبرة ومؤسسات صحية، غير أن جزءاً كبيراً من هذه المشاريع لم يجد طريقه إلى التنفيذ رغم مرور أكثر من 15 سنة.

المفاجأة الأكبر التي فجّرتها مداخلات المستشارة أمينة فشقول والمستشارين محمد الغرباوي وخليل برزوق، تمثلت في “اختفاء” 8 بقع كانت مخصصة لبناء مؤسسات تعليمية وفق تصميم 2009، هذه البقع، التي تُعد عنصراً أساسياً ضمن مخزون المدينة من المرافق التربوية، لم تعد موجودة في التصميم الجديد، رغم الارتفاع المهول في عدد السكان والضغط الكبير الذي تعرفه المؤسسات التعليمية الحالية.

وتعززت هذه المعطيات بوثيقة رسمية موجّهة من المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالجديدة إلى عامل الإقليم، تُبرز أن بقعتين أرضيتين مخصصتين لبناء إعدادية وثانوية تم الترخيص لبناء مشاريع فوقهما، في تناقض واضح مع تصميم التهيئة المعتمد سنة 2009، ومع توصية اللجنة التقنية التي أكدت سنة 2021 ضرورة الحفاظ عليهما ومنع أي تغيير في تخصيصهما.

المراسلة ذاتها حذرت من أن المنطقة المعنية تعرف كثافة عمرانية كبيرة، وأن فقدان هاتين المؤسستين سيحرم آلاف التلاميذ من خدمات تربوية أساسية، خاصة في الأحياء القريبة من المنطقة التجارية “مرجان” وحي المطار والسلام النجد، التي تشهد نمواً سكانياً سريعاً.

من جهتهم، اعتبر مستشارو المعارضة أن اختفاء البقع التعليمية، وتغيير تخصيص العقارات العمومية، ومنح رخص بناء فوق أراضٍ موجهة للتجهيزات التربوية، كلها مؤشرات “خطيرة” تؤكد وجود اختلالات تستدعي “تحقيقاً عاجلاً وشفافاً” قبل أي مصادقة على التصميم.

وطرحت خلال الدورة أسئلة ثقيلة ما تزال دون إجابات، من قبيل: من غيّر تخصيص 8 بقع تعليمية كانت محفوظة منذ 2009؟ ومن استفاد من هذه الأراضي؟ ولماذا مُنحت رخص بناء فوق عقارات موجهة للتعليم؟ وهل يخدم التصميم الجديد المصلحة العامة أم مصالح ضيقة؟

وهكذا، تحوّلت دورة كان يُفترض أن تمرّ في إطار روتيني إلى لحظة لكشف خيوط تغييرات غامضة طالت وعاءً عقارياً عمومياً ثميناً، في وقت تبقى فيه مدينة الجديدة بأمسّ الحاجة إلى تجهيزات تعليمية واجتماعية تواكب توسعها الديموغرافي المتسارع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى