سيدي بنور: أيادي حزب النهج تعبث بنقابة FNE؟

الجديدة بلوس

في الوقت الذي كانت فيه الشغيلة التعليمية تنتظر من التنظيمات النقابية أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي لمواكبة التحولات التي يعرفها القطاع، يعيش فرع الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي بإقليم سيدي بنور على وقع تجاذبات داخلية حادة، عنوانها الأبرز صراع بين منطق الاستقلالية النقابية ومنطق الولاء الحزبي.

فقد عقد المكتب الإقليمي للجامعة، عشية السبت 1 نونبر 2025، اجتماعًا طارئًا خُصص لتدارس ما وصفه الأعضاء بـ«الوضع التنظيمي المقلق»، الناتج عن قرارات مركزية وُصفت بالفوقية والبيروقراطية، صادرة عن اللجنة الإدارية للنقابة، تتجاوز – حسب تعبيرهم – كل القوانين المؤطرة للعمل النقابي من نظام داخلي وقانون أساسي.

هذه القرارات، التي أثارت الكثير من الجدل، اعتبرها أعضاء المكتب الاقليمي خطوة تهدف إلى إعادة رسم خريطة النفوذ داخل التنظيم، بما يخدم أجندة سياسية محددة، في إشارة إلى التيار اليساري الراديكالي، وتحديدًا تيار حزب النهج الديمقراطي العمالي، الذي يعتبر المهيمن فعليًا على توجهات القيادة الوطنية للنقابة، خاصة في الشق السياسي والتنظيمي، هذا دون التذكير بمواقف ذات الحزب العدائية تجاه ثوابت المملكة والوحدة الترابية.

إن ما يحدث اليوم في سيدي بنور لا يمكن فصله عن السياق العام الذي تعيشه الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي منذ سنوات، حيث أضحت العلاقة بين «النقابي» و«الحزبي» ملتبسة إلى حدّ التماهي، وهو ما أضعف في كثير من الأحيان المصداقية النضالية للنقابة، وحوّلها من إطار مطلبي جامع إلى ساحة لتصفية الحسابات الإيديولوجية الضيقة.

ولعل تجربة المكتب الإقليمي بسيدي بنور تمثل استثناءً لافتًا في هذا المشهد، إذ نجح خلال فترة وجيزة في بناء قاعدة نضالية واسعة، بفضل حضور وجوه شابة تبنت خطابًا نقابيًا مستقلًا، يركز على قضايا التعليم الميدانية بدل الاصطفاف السياسي، لكن هذا النجاح هو ما جعله عرضة لمحاولات الاحتواء والإقصاء من طرف بعض التيارات الساعية إلى إعادة إخضاع الفروع المحلية لسلطة المركز الحزبي.

إن استمرار هذه الأزمة التنظيمية دون معالجة جذرية يهدد بتفكك واحدة من أبرز التجارب النقابية الحيوية داخل الإقليم، ويكشف في الوقت ذاته عن أزمة بنيوية تعانيها الحركة النقابية المغربية عمومًا: غياب الفصل الواضح بين العمل النقابي المستقل والعمل الحزبي المؤطر بأيديولوجية مسبقة.

في المحصلة، يبدو أن الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي، أمام مفترق طرق حاسم: فإما أن تستعيد نقاءها النقابي واستقلالها عن التجاذبات السياسية، وإما أن تتحول تدريجيًا إلى واجهة حزبية بلبوس نقابي، وهو ما سيقود لا محالة إلى فقدان ما تبقى من ثقة نساء ورجال التعليم في العمل النقابي الجاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى