بين حرية التعبير وحماية المعطيات الشخصية: ردّ على مقال جريدة دكالة 24 حول احتجاج أساتذة ثانوية أولاد عمران التأهيلية

عبد الله المستعين

أثار المقال الذي نشرته جريدة دكالة 24 مساء السبت 1 نونبر 2025، حول احتجاج أطر وأساتذة ثانوية أولاد عمران التأهيلية، جدلاً واسعاً في الأوساط التربوية والنقابية، لما تضمنه من معطيات تمس الحياة المهنية والشخصية لعدد من الأساتذة المحتجين، فضلاً عن توجيهه اتهامات خطيرة تمس سمعتهم المهنية، وتبرئ بشكل ضمني الإدارة من مسؤوليتها في ما آلت إليه الأوضاع داخل المؤسسة.

فقد عمد كاتب المقال إلى الإشارة إلى أن بعض الأساتذة المشاركين في الاحتجاج سبق أن خضعوا لعقوبات تأديبية، وهي إشارة تمثل، من منظور قانوني وأخلاقي، تسريباً غير مشروع لمعطيات إدارية ذات طابع شخصي، يحميها القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وكذا المقتضيات المنظمة للوظيفة العمومية التي تضمن سرية الملفات الإدارية للأطر التربوية.

كما أن المقال – وفق ما ورد فيه – تجاوز حدود النقد الصحفي المشروع إلى تبخيس العمل النضالي والاحتجاجي، واتهام الأساتذة المحتجين بمحاولة “التغطية على غياباتهم” أو “إرباك السير العادي للمؤسسة”، دون الاستناد إلى أي معطيات موضوعية أو تحقيق ميداني يوازن بين وجهات النظر، وهو ما يتنافى مع أبسط قواعد المهنية والموضوعية التي تلزم الصحفي بالتحقق من المصادر والاستماع إلى جميع الأطراف المعنية قبل النشر.

والأخطر من ذلك هو محاولة اقحام السلطات العمومية بمنطقة اولاد عمران بنية التدخل لـ“إسكات المحتجين”، في خرق واضح لمبدأ حرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي المكفول دستورياً، وتجاهلٍ لمضمون البلاغ النقابي الصادر عن المكتب المحلي للجامعة الوطنية للتعليم (UMT) الذي أكد أن الوقفات الاحتجاجية تأتي في إطار قانوني وحضاري، رداً على ما يعتبره الأساتذة “شططاً في استعمال السلطة وسوء تدبير إداري”.

إن معالجة القضايا التربوية لا يمكن أن تتم عبر التشهير برجال ونساء التعليم أو عبر نشر معطياتهم الإدارية الحساسة، بل من خلال نقاش مسؤول وشفاف يسعى إلى تشخيص الاختلالات واقتراح حلول موضوعية تحفظ كرامة جميع الأطراف، فالإعلام، بقدر ما هو سلطة رقابية، يبقى أيضاً سلطة أخلاقية تستمد قوتها من احترام الحقيقة والإنصاف.

ختاماً، إن ما وقع في ثانوية أولاد عمران التأهيلية يفرض مقاربة متزنة من قبل مختلف الفاعلين، بعيداً عن الاتهامات والتجريح، وبما يعيد للمؤسسة التربوية هيبتها ويصون كرامة العاملين بها، أما الصحافة الجادة، فهي التي تنحاز للحقيقة لا للأشخاص، وللمصلحة العامة لا للمواقع والمناصب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى